برية الأساس المقدسة
مقدمة
تعد برية الأساس واحدة من البراري المصرية التي حوت أعظم رهبنة روحانية خالدة بخلود هذا الجبل العملاق. حيث رهبانا قدسوا أرضها، وباركوا مغائرها، وحلقوا في سمائها سواحاً، وداروا في فلكها كواكبا حول شمس البر فاستمدوا ضوئهم منه وأضاؤا لنا سيرا نابضة بالحياة والحب للإله المحب.
هذا الجبل تعطرت أنفاسه برائحة البخور الذكية التي تنتشر بين جنباته في صلوات دائمة لا تنقطع، وحفظت آذانه موسيقى أجراس تهتز لها الأبدان وألحاناً صدحت تسبح وتمجد وتشع الرمال بالإيمان وترانيم تغنت بها قمم الجبال وسفح التل ووديان جرت بها أنهار دموع الوجدان وامتلأت بالرؤي عيناه ملائكة أرضيين وبشر سماويين في الدهش والهذيذ والسياحة متنعمين فقرت عيناه، وتقدست أذناه، وتباركت صخوره بالصلوات المرفوعة إلى السماء.
جغرافية برية الأساس
تتكون برية الأساس في الأصل من سلسلة جبال ونذكر هنا أسماء الجبال طبقاً لما ورد في سير الآباء قديسي هذه المنطقة:
جبل شامة
جبل بيشواو
جبل الأساس
جبل بنهدب أو نبهدب
جبل طوخ
جبل البلاص
وقد أطلقت كلمة جبل الأساس على كل هذه الجبال لما تمثله من أهمية في فترة من الفترات عندما ضعفت الرهبنة في هذه البرية وانحلت أواصرها في العصور التالية بقي جبل الأساس وحده أمينا في حفاظه على الرهبنة والقليل جداً من أديرته وما بقي منها اليوم هي أقل القليل ليظل جبل الأساس شاهداً صامتاً للتاريخ أمد الدهر على رهبنة خالدة صنعتها دروب رماله وصخور ومغائر، وكما ورد علي لسان القديس الانبا بيسنتاؤوس مع تلميذه يوحنا على الآتي “أمضى بنا إلى جبل الأساس إذ أن رهبانها نساك متعبدين لله عبادة ملائكية لطهارتهم وليس من يوصف نسكهم وعبادتهم وأعمالهم التي ليس لها حد ولا قياس إذ هم شيوخ قديسين وملائكة متجسدين”، ولذا بقيت المنطقة يطلق عليها برية الأساس حتى الان.
أما أديرة نقادة المندثرة فهي:
دير القديس فيبامون في جبل القرنة بالأقصر
دير الآباء الرسل الموجود في منطقة الأوسط قمولا
دير القديس أنبا صموئيل النقادي (الشهير بدير القزاز)
دير الأنبا إيلياس بحاجر المنشية
دير الأب بطرس الكبير في حاجر المنشية
دير القديس أبيفانيوس في جبل القرنة الغربي
دير الأنبا إفراهام في جبل شامة جبل القرنة بالأقصر
دير إسحق بقاياه حاليا في حاجر طوخ والزوايدة
دير هيموز
دير ديدرا او دندرة
لمحة عن دير الأنبا صموئيل النقادي (الشهير بدير القزاز)
يقع دير الأنبا صموئيل النقادي جنوب غرب دير رئيس جند السماء الملاك ميخائيل بنقادة بحوالي 6 كيلو متر تقريباً وهو يقع جنوب محجر الرمال بنقادة وفى مواجهته بحوالي 500 متر ويقابل دير الصليب في الناحية الشمالية فلهذا فهو في المنطقة الفاصلة بين حاجر دنفيق وبين حاجر المنشية والطريق غير ممهد وصعب الوصول إليه بدون مرشد، وهو من مجموعه الاديرة التي اندثرت وخربت في الغزو الفارسي ولا بقاء له سواء اثار بسيطة على وجه الأرض وهو غير معروف لدى الجميع.
وأول من سكن في الجبل هو الأنبا هدرا، ومن رؤسائه الأنبا بولس، والأنبا صموئيل النقادي، والأنبا يعقوب، وكان سكن للآباء الرهبان المتوحدين من نحو النصف الأول من القرن الرابع الميلادي إلى النصف الأول من القرن السابع.
ومن الواضح أن موقع الدير اختير بعناية فائقة في عمق الصحراء في مكان هادئ لا يصلح إلا لسكنى المتوحدين ويعطى انطباعا أن سكان هذه البرية كانوا يمارسون حياة النسك الشديد وحياة التجرد من العالم المادي حيث القفر هناك شديد الوعورة، ولقد أقيم الدير أسفل سفح مرتفعات الجبال على ربوة مرتفعة قليلا بعيداً عن مخرات السيول.
ويرجح بان هذا الدير قد بنى في الفترة الزمنية الثانية للنشأة الرهبانية والديرية في البرية على أكثر تقدير فقد بنى ككنيسة لتجميع النساك ثم كمكان لخدمتهم والقيام على احتياجاتهم وعلى هذا فإن الدير من المرجح إقامته في نهاية القرن الرابع الميلادي على يد الانبا هدرا السائح بجبل بنهدب، يحمل دير الأنبا صموئيل عدة أسماء منها:
دير السند او السندوانة، ويعتقد أنها تحريف من كلمة سنط حيث من المحتمل نمو شجرة السنط في ذلك المكان.
دير القزاز، وهي كلمة تطلق على صانع الفركا (النسيج اليدوي من الحرير إلى هذا اليوم) ويتضح من هذه التسمية أن الرهبان كانوا يعملون بصناعة الحرير اليدوي.
دير الأنبا صموئيل النقادي، والمعتقد في هذه التسمية أنها كانت في وقت لاحق بعد نياحة الأنبا صموئيل النقادي، وذلك نظرا لأهمية الأنبا صموئيل الروحية.